أثارت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، جدلًا واسعًا إسرائيليًا بعد نشرها، اليوم الجمعة، مقطع فيديو جديد يظهر فيه الأسير الإسرائيلي "غاي غلبوع دلال" وهو يتحدث من داخل مركبة تتجول بين أنقاض المباني المدمرة في مدينة غزة.
المقطع الذي حمل عنوان "الوقت ينفد"، كشف فيه دلال أن ثمانية أسرى إسرائيليين لا يزالون محتجزين في غزة.ودعا في حديثه الإسرائيليين إلى إحداث فوضى وتمرد ضد حكومتهم للضغط عليها من أجل إبرام صفقة تبادل تضمن إطلاق سراحه وزملائه.
وتحدث دلال عن ظروف الأسر القاسية المستمرة منذ 22 شهرًا، قائلاً بسخرية: "شكرًا لك يا نتنياهو أن سمحت لنا أخيرًا بتناول الخبز وبعض الجبن والاندومي.. شكرًا أن منحتنا الطاقة لنبقى على قيد الحياة، بينما ابنك في ميامي يتمتع باللحوم المشوية."
وأضاف أن مقاتلي القسام أكدوا لهم أنهم لن يغادروا غزة رغم الهجوم الإسرائيلي، محذرًا من وفاة عدد من الأسرى في حال استمرار العمليات.
وقال: "اعتقدنا أننا أسرى لدى حماس، لكن الحقيقة أننا أسرى لدى حكومتنا.. لدى نتنياهو وبن غفير وسموترتش الذين يكذبون ولا يريدون عودتنا إلى البيت."
ردود فعل إسرائيلية متباينة
الإعلام العبري ركّز بشكل واسع على الفيديو. واعتبرت القناة 12 أنه يمثل "دليل حياة بعد 700 يوم"، مشيرة إلى ظهور دلال برفقة أسير آخر، وسط تأكيدات بأن عدد المحتجزين في غزة يبلغ ثمانية.
وذكرت تقارير أن المقطع صُوِّر يوم الخميس الماضي، فيما أشار مراسلون عبريون إلى أن الأسير الآخر هو "ألون أوهل"، رغم أن عائلته طلبت عدم الكشف عن اسمه رسميًا في الوقت الحالي.
الصحفيون، مثل غيلي كوهين ومراسلي قناة "كان"، اعتبروا أن الفيديو يؤكد استمرار الأزمة الإنسانية والضغوط النفسية على الأسرى، إضافة إلى إظهار واقع غزة تحت الدمار.
على الصعيد السياسي، وصف وزير الأمن القومي "إيتمار بن غفير" ما سماه "الإرهاب النفسي لحماس" بأنه محاولة لوقف العملية العسكرية، مؤكدًا أن الرد يجب أن يكون عبر "احتلال كامل، سحق تام، وتشجيع الهجرة الواسعة".
في المقابل، قال زعيم ائتلاف الديمقراطيين "يائير غولان" إن "إشارة الحياة من غاي دلال تمزق القلوب وتؤكد الحاجة الملحة لإعادة جميع المختطفين"، داعيًا إلى وقف "الحرب السياسية" والتركيز على استعادة الأسرى.
أما زعيم المعارضة "يائير لابيد" فشدد على أن الفيديو "تذكير مؤلم بضرورة العودة إلى المفاوضات"، معتبرًا أن "إبرام صفقة هو السبيل الوحيد لإعادة الأسرى إلى منازلهم".
موقف عائلات الأسرى
عائلات الأسرى أعربت عن صدمتها من قرار رئيس الأركان التعاون مع "حرب غير ضرورية"، مشيرة في بيان لها إلى أن هناك اتفاقًا مطروحًا على الطاولة يمكن أن ينهي الأزمة دون تعريض ذويهم للخطر.
وفي السياق، كشفت صحيفة "هآرتس" أن ضباط شؤون الأسرى أبلغوا العائلات بأن العملية العسكرية في مدينة غزة تزيد من خطر مقتل الأسرى أو فقدان جثامينهم، مؤكدين أن الجيش لا يملك معلومات دقيقة عن أماكنهم.
وعلى الجانب الأخر، يرى مراقبون أن توقيت نشر كتائب القسام للفيديو الأخير لم يكن عشوائياً، بل جاء محسوباً ليخدم أهدافاً سياسية ونفسية إلى جانب البعد العسكري. فالمقاومة تدرك أن المعركة لا تُدار فقط بالنار، وإنما أيضاً عبر الحرب الإعلامية والضغط النفسي.
بحسب المراقبين، فإن الفيديو أراد تحميل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى. فإذا واصل الجيش عملياته في غزة، فإن موت الأسرى سيكون نتيجة مباشرة لقرارات قادته. وبذلك وضعت المقاومة إسرائيل أمام خيارين: الحرب تعني فقدان الجنود، بينما المفاوضات هي السبيل الوحيد لإعادتهم.
وفي تصريحات سابقة، حذّر الناطق العسكري باسم القسام "أبو عبيدة" من أن خطط الاحتلال لاحتلال غزة "ستكون وبالاً على قيادته السياسية والعسكرية"، مشددًا على أن جيش الاحتلال "سيدفع ثمنها من دماء جنوده"، ومتوعدًا بفرص متزايدة لأسر جنود جدد.
وأكد أبو عبيدة أن الأسرى الإسرائيليين سيبقون في أماكن القتال وسط نفس الظروف التي يعيشها سكان غزة، وأن القسام ستعلن عن أسماء وصور كل أسير يقتل بفعل العدوان، متهمًا حكومة نتنياهو بأنها "تسعى لتقليص عدد الأسرى الأحياء إلى النصف".

